الأثار الخارجية الاقتصادية: النظرية والحلول Economic Externalities: Theory and Solutions

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الحقوق جامعة حلوان قسم الاقتصاد والمالية العامة

المستخلص

 
يُشير مصطلح الأثار الاقتصادية الخارجية إلى التکلفة أو الفائدة التي يتحملها أو يستفيد منها طرف ثالث، وتکون ناتجة عن التصرفات الخاصة بأطراف المعاملات الاقتصادية، وهذه الأثار لا تکون مُسعّرة وفقأ لألية السوق، وتُؤثر على الکفاءة الاقتصادية. ولذلک، وجب تحليل مشکلة الأثار الخارجية للمعاملات أو الأنشطة الاقتصادية، باعتبارها أهم سبب من أسباب فشل السوق، وذلک من أجل التوصل إلى أهم الحلول اللازمة لمواجهة أو استيعاب هذه الأثار، سواء کانت سلبية أو إيجابية. وهذا التحليل يتطلب عرض نظرية فشل السوق، وتوضيح مفهوم الأثار الخارجية، وأهم الانتقادات الفلسفية التي وُجّهت إلى هذا المفهوم. ولتوضيح مفهوم الأثار الخارجية الاقتصادية، کان من المُهم التطرُق إلى الأصول التاريخية والفلسفية لفکرة الأثار الخارجية في النظرية الاقتصادية. وللتوصل إلى أفضل الحلول اللازمة لاستيعاب الأثار الخارجية، کان من الضروري عرض وتحليل أهم النظريات التي قيلت في الأثار الخارجية الاقتصادية، وخصوصًا أهم الحلول التي قدمتها هذه النظريات.
وهناک کم کبير من الفقه الاقتصادي الذي يُعالج مشکلة الأثار الخارجية الاقتصادية، بما في ذلک الدراسات النظرية والتجريبية التي تدور حول مفهوم هذه الأثار وتداعياتها وعلاجها والمشاکل التي تسببها للکفاءة الاقتصادية، وکفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية. وهناک جانب من الفقه الاقتصادي لا يعترف بوجود الأثار الخارجية الاقتصادية، وذلک على أساس أن المشکلة لا تتعلق بتحديد المُتسبب في الضرر والمضرور، ولکنها تتعلق بفکرة مدى إرساء الحقوق وحمايتها وتنفيذها، وخصوصًا حقوق الملکية. وهذا يعني أنه لا داعي لتدخل السياسة العامة في النشاط الاقتصادي لمعالجة الأثار الخارجية باعتبارها نوعًا من فشل السوق، فيکفي الدولة تهيئة المناخ القانوني اللازم لسير النشاط الاقتصادي عموما.
أما بالنسبة للجانب الفقهي الأخر، وهو الجانب الأکبر، فيعترف بوجود الأثار الخارجية. ولکن يظهر الخلاف داخل هذا الجانب الفقهي بشأن بعض الأمور الخاصة بتعريف واستيعاب الأثار الخارجية. فهناک خلاف حول مفهوم الأثار الخارجية الاقتصادية، حيث لا يوجد تعريف شامل لهذه الأثار، بالإضافة إلى صعوبة تحديد الضرر الناتج عن الأثار الخارجية السلبية، وبالتبعية تحديد المُتسبب في الضرر والمضرور. وتظهر هذه المشکلة بسبب الطبيعة التبادلية للاثار الخارجية. وأيضًا داخل هذا الجانب الفقهي هناک خلاف حول کيفية استيعاب الأثار الخارجية. فهناک اتجاه يرى أنه يمکن استيعاب الأثار الخارجية الاقتصادية عن طريق السماح للأطراف الخاصة بالتفاوض حول منع الأثار الخارجية، وأنه يجب ألا تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي من أجل استيعاب الأثار الخارجية، فکل مايجب على الدولة القيام به هو إرساء الحقوق وتخصيصها وحمايتها وتنفيذها، وخصوصًا الحقوق الاقتصادية المُرتبطة بحقوق الملکية. إلا أن هذا الاتجاه قد تعرض للعديد من الانتقادات، وأهمها عدم واقعية افتراض غياب تکاليف المعاملات الذي يُسهّل عملية التفاوض بين الأطراف الخاصة المعنية بالأثار الخارجية.
أما الاتجاه الاخر فيرى وجوب الإجراءات التدخلية من جانب الدولة لاستيعاب الأثار الخارجية، سواء کان ذلک عن طريق منح الإعانات بالنسبة لاستيعاب الأثار الخارجية الإيجابية، أو فرض الضرائب التصحيحية بالنسبة لمنع الأثار الخارجية السلبية. ويتمثل الهدف الرئيس لهذا الاتجاه في إظهار أن الأثار الخارجية عبارة عن الاختلاف بين التکلفة الخاصة الحدية والتکلفة الاجتماعية الحدية. إلا أن هذا الاتجاه قد تعرض للعديد من الانتقادات على أساس أن تدخل الدولة قد يکون أکثر تشويهًا للنشاط الاقتصادي من الأثار الخارجية نفسها. إذن، فالإشکالية الأساسية لهذا البحث تدور حول مدى إمکانية التوصل إلى أنسب الحلول اللازمة لاستيعاب الأثار الخارجية الاقتصادية. فإذا تم إرساء وتخصيص وتنظيم وتنفيذ حقوق الملکية العامة والخاصة، وأيضًا تنظيم الجوانب الأخلاقية للمعاملات الاقتصادية، فإن ذلک سيساهم في استيعاب العديد من أنواع الأثار الخارجية الاقتصادية.