التحليل الاقتصاديّ للنُظم القانونية والقضائية Economic Analysis of Legal and Judicial Systems

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الحقوق جامعة حلوان قسم الاقتصاد والمالية العامة

المستخلص

يتمثل الهدف الأساسي لهذا البحث في تقديم أحد الفروع الحديثة نسبيًا لعلم الاقتصاد، وهو ما يسمي بالتحليل الاقتصادي للقانون، أو اقتصاديات القانون، أو ما يطلق عليه أيضًا الجوانب الاقتصادية للقانون. ويتمثل التحليل الاقتصادي للقانون في تطبيق النظرية الاقتصادية، واستخدام الدراسات والأساليب الاقتصادية التجريبية بهدف تحليل، وتفسير، وتقييم، وتصميم القوانين والإجراءات القانونية، والمؤسسات القانونية، وأيضًا تحليل الأثر التحفيزي للقانون والمؤسسات القانونية. ويشمل موضوع التحليل الاقتصادي للقانون دراسة الجوانب الاقتصادية لجميع الأنظمة القانونية والتنظيمية، وذلک بغض النظر عن مدى العلاقة المباشرة بين القانون والمعاملات الاقتصادية. فالمنهج الحديث للتحليل الاقتصادي للقانون لا يرکز على التحليل القانوني للوضع الاقتصادي، ولکنه يُرکز على التحليل الاقتصادي للوضع القانوني.
فمن خلال التحليل الاقتصادي يمکن تحديد الجوانب الاقتصادية أو التکاليف والفوائد الاقتصادية للتنظيم القانوني، وخصوصًا عملية تصميم القانون وإصداره وتنفيذه. بمعنى تحديد مدى فعالية التنظيم القانوني في ضبط النشاط الاقتصادي وتخصيص الموارد الاقتصادية في المجتمع بشکل يحقق المصلحة العامة.
بالإضافة إلى ذلک، يهدف هذا البحث إلى تحليل دور الأنظمة القضائية في تعزيز التنمية الاقتصادية، ومدى تأثير ضعف الأنظمة القضائية على الأداء الاقتصادي. وبالتالي، يُرکز البحث على أهمية وجود وفعّالية النظام القانوني والقضائي کحافز للتنمية الاقتصادية. فلا تقوم المؤسسات القانونية فقط بدورًا تکميليًا أو عرضيًا في التنمية الاقتصادية، ولکنها تُعتبر شرطًا أساسيًا لعمل ألية اقتصاد السوق. فالعلاقة بين النظام القضائي والاقتصاد هي علاقة تبعية، وعلاقة تبادلية أيضًا، بمعنى أنه يمکن لهيکل قضائي معين أن يساعد في تسهيل عملية التنمية الاقتصادية أو عرقلتها، وفي المقابل تؤدي عملية التنمية الاقتصادية إلى تحسين أداء النظام القضائي. ويُعتبر النظامان القانوني والقضائي من بين المؤسسات الأکثر تأثيرًا على الأداء الاقتصادي، حيث أنهما يلعبان دورًا بارزًا في هذا المجال.
فمن خلال التحليل الاقتصادي يمکن تحديد الدور الاقتصادي للنظم القضائية في تنظيم النشاط الاقتصادي والتخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية، وذلک لتحقيق التنمية الاقتصادية. والمشکلة التي تُثار هنا هو الموازنة بين إعطاء السلطة التشريعية والسياسية أو إعطاء النظام القضائي الدور الأکبر في تنظيم النشاط الاقتصادي. ويمکن التوصل إلى نتيجة هذه الموازنة من خلال المقارنة بين النظام القانوني الأنجلوأمريکي والنظام القانوني اللاتيني. وفي هذا السياق، يمکن النظر إلى المحاکم على أنها مؤسسات عامة تقع داخل الهيکل العام للاقتصاد السياسي. وتحتل الإدارة القضائية موقعًا ذات أهمية کبيرة وأساسية ضمن هذا الإطار، حيث أنها تعمل کبديل للوسائل الأخرى لتخصيص الموارد الاقتصادية داخل اقتصاد معين، وهذه البدائل تشمل ألية السوق والقرارات السياسية. وهذه البدائل لا تعمل بشکل منفصل عن بعضها البعض، ولکنها تقوم على الاعتماد المُتبادل فيما بينها.
وقانون المسؤولية التقصيرية هو أحد المجالات القانونية التي يمکن أن يُطبق عليها نماذج التحليل الاقتصادي. فموضوع المسؤولية التقصيرية هو الأضرار والتعويضات، وکلاهما له آثار اقتصادية مُهمة. ولذلک، يُرکز التحليل الاقتصادي للمسؤولية التقصيرية بشکل أساسي على دراسة آثار هذه المسؤولية على تخصيص الموارد الاقتصادية، أي الآثار المُرتبطة بالرفاهية الاقتصادية الناتجة عن تطبيق الأنظمة المُختلفة للمسؤولية. فقواعد قانون المسؤولية التقصيرية لها تأثير على الرفاهية الاقتصادية وکفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية وثروة المجتمع. فقانون المسؤولية التقصيرية لديه القدرة على تقليل أنواع مختلفة من التکاليف.

الكلمات الرئيسية