الجوانب االقتصادية للدعاوى الجماعية The Economic Aspects of Class Actions

المؤلف

کلية الحقوق جامعة حلوان قسم الاقتصاد والمالية العامة

المستخلص

 
يظهر الجانب الاقتصادي لموضوع الدعاوى الجماعية عندما يکون هناک العديد من الأفراد أصحاب الحقوق الموضوعية المشروعة، والتي يکون مصدرها القانون أو العقد أو المسؤولية التقصيرية، وهؤلاء الأفراد لا يکون لديهم القدرة أو الملاءة الاقتصادية للحصول على هذه الحقوق، وذلک بسبب ارتفاع التکلفة الإجرائية اللازمة للحصول على هذه الحقوق مقارنةً بالقيمة الفعلية لهذه الحقوق، أو مقارنةً بقيمة التعويض الذي يمکن الحصول علية. وتزداد المشکلة تعقيدًا عندما يکون الإنفاذ الحکومي للقوانين الموضوعية التي تحکم هذه الحقوق غير فعّال أو غير موجود أصلًا، وذلک بسبب عدم کفاية الموارد الاقتصادية للدولة لوضع هذه القوانين موضع التنفيذ. ويتمثل حل هذه المشکلة في اللجوء إلى الإنفاذ الخاص للقوانين، وخاصة إنفاذ التشريعات الاقتصادية، مثل قوانين مکافحة الاحتکار، وقوانين حماية المستهلک، وقوانين الأوراق المالية. ويؤدي الإنفاذ الخاص للتشريعات الاقتصادية بالتبعية إلى تحقيق الکفاءة الاقتصادية، وذلک عن طريق ضبط السلوک الاقتصادي للجهات والمؤسسات الاقتصادية الفاعلة في السوق. ويعتبر التقاضي الجماعي من أفضل الأليات القانونية الإجرائية التي تُستخدم للإنفاذ الخاص للقوانين کبديل للتنظيم الحکومي. وقد تم تفعيل نظام الدعاوى الجماعية کأداة من أدوات التقاضي الجماعي في العديد من النظم القانونية المقارنة، وقد ثبت فاعليتها في تحقيق الإنفاذ الخاص للتشريعات الاقتصادية.
وبالنظر إلى عمليات الإنتاج الضخم، وعمليات التسويق الشامل والاندماج والاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الشرکات والدول، وکذلک تطور نظام الاتصالات السريع في جميع أنحاء العالم، فقد يتضرر مجموعة کبيرة من الأفراد بطريقة متماثلة، وهذا الضرر قد يکون بسبب الممارسات المُوحدة للشرکات الکبيرة أو أحد منتجاتها. وعادةً ما تکون دعاوى التعويض الفردية قليلة القيمة، ولکن من الممکن أن يتحول مجموع هذه الدعاوى إلى أرباح کبيرة وغير مشروعة بالنسبة لهذه الشرکات. وتقدم الدعوى الجماعية حلًا لهذه المُعضلة الاقتصادية، وذلک من خلال تجميع الدعاوى الفردية في دعوى قضائية واحدة، والتي تکون مُجدية اقتصاديًا من حيث تکاليف عملية التقاضي. وبالتالي، يمکن للدعوى الجماعية أن تکون أداة لقلب الدفة لصالح مجموع الأفراد ذات الوضع الاقتصادي الأضعف.
فالدعوى الجماعية هي أداة قانونية تسمح برفع الدعاوى قليلة القيمة، وبالتالي تُحقق هذه الدعوى أهداف التعويض والردع وإنفاذ القوانين. والهدف من ذلک الردع هو تحفيز الجهات الاقتصادية الفاعلة على أن تأخذ في الاعتبار القيمة المُتوقعة للأضرار أو الخسائر التي يمکن أن تنتج عن تصرفاتهم غير القانونية، وذلک عند اتخاذ القرارات الخاصة بطرح منتج أو خدمة معينة، وکيفية تصميمه، وإنتاجه، وتوزيعه، وتسويقه، وکيفية التعامل مع موظفيهم. وتعمل الدعوى الجماعية على تحسين الکفاءة الاقتصادية عن طريق استيعاب الأثار الخارجية السلبية للمعاملات الاقتصادية، وکذلک تعمل على تأکيد الدور الفعّال لقانون المسؤولية التقصيرية في التقليل من حوادث الضرر. ومن الناحية الاقتصادية، تُعتبر الدعوى الجماعية محاولة للاستفادة من فکرة اقتصادات الحجم الکبير، أو وفورات الحجم في مجال الإجراءات القانونية.